سوريا والتدخل المستحيل

تعليقات(0)طبع البريد

سميح صعب

2012-06-02

بعدما وصلت الاوضاع الى ما وصلت اليه في سوريا، لا يبدو ان أحداً يحمل وصفة سحرية للحل. فما بدأ مطالبة بالاصلاحات تحول مناشدات من أجل عدم انزلاق البلاد الى حرب أهلية شاملة. ومن يحذر من حرب اهلية ومذهبية  في سوريا اليوم، كان عليه ان يدرك منذ البداية خصوصية التركيبة السورية وان سوريا هي مجتمع متنوع ومتعدد العرق مثلما اكتشفت هيلاري كلينتون قبل يومين فقط عندما كانت تحاضر في طلاب دانماركيين في كوبنهاغن. 

واذا كان النظام السوري في أزمة، فإن خصومه من العرب والغرب في أزمة أكبر. لأن العودة الى الرهان على الحل العسكري  تفتح المنطقة على المجهول كما فعلت الحرب على العراق.

وتخطئ أميركا اذا ما ظنت أن الموقف الروسي هو الوحيد الذي يحول دون تنفيذ عملية عسكرية سريعة في سوريا تؤمن وصول المعارضة السورية الى الحكم على غرار ما جرى في ليبيا، إذ ان الحرب على الطريقة الليبية ستعني في سوريا نشوب حرب أهلية شاملة وتالياً سيكون على الغرب ارسال قوات برية للحؤول دون هذه الحرب مما سيقود حتماً الى احتلال سوريا على غرار الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003. 

وهكذا لا ضمانات ألا يسفر التدخل العسكري الغربي في سوريا عن مثل النتائج التي اسفر عنها  التدخل العسكري الغربي في العراق. ولعل الغرب هو الذي أوقع نفسه في خطأ الحسابات عندما اعتبر ان سوريا لن تكون غير تونس ومصر وليبيا واليمن، وانها لن تكون العراق.      

لكن الواقع يقول ان سوريا هي تماماً مثل العراق زائد محاذاتها لإسرائيل. وبما ان الغرب يضع امن الدولة العبرية في سلم اولوياته عندما ينظر الى الشرق الاوسط، فإن تدخلاً عسكرياً غربياً في سوريا يمكن ان يجر الى نزاع طويل تتورط فيه اسرائيل، بحكم ان القراءة التاريخية للحروب الاهلية في العالم تدل على ان هذا النوع من النزاعات سرعان ما يمتد الى الدول المجاورة.   

وحتى اذا ما نجح الغرب في تحييد روسيا فكيف يحايد ايران التي ستدافع عن سوريا باعتبار ان خسارتها لدمشق تعتبر بمثابة اقوى ضربة استراتيجية لطهران منذ 1979. واذا ما سقطت سوريا ستسهل محاصرة ايران وتصدير "الربيع العربي" اليها، تماماً كما ينادي مسؤولون أميركيون  بتصدير "الربيع" الى روسيا عقاباً لها على وقوفها في وجه الخيار العسكري ضد دمشق.     

كثيرة هي تشعبات الأزمة السورية. والحل العسكري الغربي اذا ما حصل سيفتح المنطقة على جحيم آخر مماثل لذلك الذي فتحه غزو العراق